ادعمنا

العنف السياسي - Political Violence

إنَّ العنفَ هو أحد أكثر الظواهر السياسية قدمًا وامتدادًا في التاريخ الإنساني، ولفترة كبيرة من الزمن لم تكن السياسة تعرف من الأدوات أو الأشكال إلا العنف؛ فالمعظم الغالب من تاريخ السياسة هو الذي ساد فيه التلازم بينها وبين العنف، ولم تبدأ الصلة بينهما في التباعد والانفكاك إلا قبل قرابة أربعمائة عام، حيث بدايات نشوء الدولة الحديثة وانتشار الأفكار والإيديولوجيات الإنسانية والعقلانية، ولا يعني ذلك بالضرورة أن السياسية هي فعل العنف أو أن مفهومها يطابق مفهوم العنف

كما أن العنف ظاهرة مركبة لها جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، تعرفها كل المجتمعات البشرية بدرجات متفاوتة، الفارق بينها فقط في أسباب اندلاع العنف ومستواه، كما أن للعنف تداعيات خطرة للغاية تؤدي إلى نتائج سلبية على كل المجتمع من النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وتتحمل مؤسسات الدولة والمواطنون عامة تكلفة مادية ومعنوية باهظة من جراء العنف.

 

المفهوم اللغوي للعنف:

يعرف القاموس الفرنسي العنف على أنه كل ممارسة للقوة عمدًا أو جوارًا، وكلمة عنف violence الفرنسية مستعارة من الكلمة اللاتينية التي تشير إلى القوة، فمصطلح القوة والعنف مشتقان من أصل واحد وإن كان مفهوم القوة Force أكثر شمولية من العنف لأنه من الناحية اللغوية يعني الإكراه المادي الواقع على شخص لإجباره على سلوك أو التزام ما. 

وكلمة عنف في اللغة العربية من الجذر (ع ن ف) وهو الخُرْق بالأمر وقلة الرفق به، ويشمل كلَّ قول أو فعل ضد الرأفة والرفق واللين، ويتضمن أيضًا معاني الكراهية والتوبيخ واللوم والشدة والقساوة؛ أي كل سلوك يتضمن معاني الشدة والقسوة .

 

المعنى الاصطلاحي:

العنف هو كل فعل من أفعال القوة المؤذية، الذي تلجأ إليه جماعة ما سياسية (حزب سلطة جماعة أهلية ... ) قصد تحقيق هدف ما تسعى إليه؛ مثل حيازة السلطة أو إلحاق ضرر بالخصم أو إجباره على الاعتراف بمصالحها أو نشر الرعب في صفوف قواه وجمهوره أو تغيير هوية الدولة أو الانفصال عنها، ومن ثَمّ يكون العنف متعدد المصادر ولا يمكن اختزاله في جماعات العنف السياسي مثل الجماعات الإرهابية، والعنف بشكل عام يحدث كلما لجأ شخص أو جماعة _لهما قوتهما_ إلى وسائل ضغط بقصد إرغام الآخرين ماديًا على اتخاذ مواقف لا يريدونها أو على القيام بأعمال ما كانوا يقومون بها، كما أن ما يميز العنف هو السعي إلى تحقيق نتيجة نفسية فورية بواسطة أعمال تؤدي إلى مزيد من الضغوط الداخلية.

وتتعد وتتنوع التعاريف المتعلقة بمفهوم العنف السياسي، فيعرفه عالم الاجتماع الأمريكي (هارولد نييبرغ Harold.Nieburg) بأنه أفعال التدمير والتخريب وإلحاق الضرر والخسائر التي توجه إلى أهداف أو ضحايا مختارة أو ظروف بيئية أو وسائل أو أدوات، كما يعرفه (الرشيد الدين خان) بأنه استخدام القوة المادية لإنزال الأذي بالأشخاص والممتلكات، وأنه التقاليد التي تميل إلى إحداث الضرر الجسماني أو التدخل في الحرية الشخصية. 

ويوجد شبه اتفاق بين أغلب الدراسين لظاهرة العنف السياسي على أن العنف يصبح سياسيًا عندما تكون أهدافه أو دوافعه سياسية، وبالرغم من الاختلافات الموجودة بين الباحثين في تحديد طبيعة الأهداف والقوى المرتبطة به فأغلبهم يُعرفون العنف السياسي بأنه استخدام القوة المادية أو التهديد باستخدامها لتحقيق أهداف سياسية، وتشير أغلب التعاريف إلى أن العنف السياسي يتضمن استخدامًا للقسر أو الإجبار من قوى مجتمعية ضد الدولة أو من جانب الدولة ضد رعاياها، والعنف بهذا المفهوم هو مجموعة أفعال تعمل على توليد حالة من القلق وعدم الاستقرار في المجتمع وإن كان العنف يؤدي إلى الاحتقان أحيانًا فإن الاحتقان بالضرورة أحد أهم أسبابه.

كما عرفه (لينبورج) بأنه كل عمل من أعمال الخروج عن النظام أو التدمير أو الإصابة، تكون آثاره ومحله واختيار أهداف ضحاياه وظروف تنفيذه ذات مدلول سياسي، والمدلول السياسي يعني أن الفعل يرمي إلى تغيير سلوك الآخرين في وضع من أوضاع المساومة له تأثيره على النظام الاجتماعي، بينما يتجه (تشارلمز جونسون Chalmers Johnson ) في كتابه عن التغير الثوري إلى اعتبار العنف السياسي كأحد جوانب الثورة وأن أي محاولة لفصل مفهوم الثورة عن القيام بعمل أو أعمال عديدة للعنف هي محاولة عقيمة، ومن ثَمَّ فإن الثورة عند جونسون هي استمرارية من السلوك العنيف، لكننا لا يمكننا التسليم بهذا التعريف بسبب عموميته وما يترتب عليه من نتائج لا يمكن التسليم بها، ويذهب(مصطفى التير) إلى اعتبار العنف السياسي هو ذلك العنف الموظف لغرض وضع سياسي معين أو الحصول على مكاسب سياسية بما في ذلك تغيير حكم قائم أو قلبه، وبهذا المعنى يشير العنف السياسي إلى نوعين من النشاط من حيث المصدر؛ عنف السلطة وعنف الجماعات التي تعارض السلطة.

 

المفهوم السيكولوجي للعنف:

يُعد العنف سلوكًا ظاهرًا يستهدف إلحاق التدمير بالأشخاص أو الممتلكات، فالعدوانية لكي تكون عنفًا ينبغي أن يتوافر لها شرط الظهور وهنا يتم اعتبار العنف هو موضوع نفسي لا اجتماعي كما يقول (فرويد Freud) إن الحالة النفسية للفرد هي أساس كل أعماله، وعرفه (د . قدري حنفي) أنه نوع من أنواع العنف الداخلي الذي تدور حوله السلطة ويتميز بالرمزية والإيثارية والجماعية والإعلانية، وهذا يعني أن العنف نوع من أنواع العنف الداخلي وأن أطرافه تمارس العنف داخل إطار ما يجمع بينها، وهذا ما يميزه عن الحرب باعتبارها عنفًا خارجيًّا، كما أن العنف السياسي عنف يدور حول السلطة أي أنه يتعلق في جوهره بالسلطة ورموزها وهو عنف متبادل بالضرورة، وبذلك يختلف عن أغلب الأنواع الأخرى من العنف؛ حيث يتميز فيها بوضوح دور الضحية عن دور المعتدي، كما يتميز العنف السياسي بالجماعية أي يغلب عليه الطابع الاجتماعي حتى وإن كان يقوم به فرد، ويتميز أيضًا بالعلانية حيث يتسارع أطراف العنف السياسي للإعلان عن مسؤوليتهم عن أفعالهم. 

 

المفهوم السيسولوجي للعنف:

يعتمد المفهوم السيسولوجي للعنف على حالة المجتمع وطبيعة أنساقه، فكل مجتمع يمارس الإكراه يطالب الفرد بالخضوع لمعاييره ونظمه، ويرى (هاربرت ماركيوز Herbert Marcuse -) أن الفئات التي تنخرط في العنف هي تلك الجماعات التي تعيش على هامش النظام؛ أي التي تخضع بصورة كاملة لآلياته، وهي تلك الجماعات التي سوف تمتلك قدرة على المواجهة للإطاحة بآليات القهر والسيطرة، كما أن العنف يعد مؤشرًا لحالة من عدم الاستقرار الاجتماعي التي تسبب قدرًا من المعاناة والتوتر لبعض الجماعات في المجتمع، ومن ثَم تحاول هذه الجماعات السعي لإلغاء مصادر التوتر.

والعنف السياسي من الجانب السيسولوجي يشير إلى كل الهجمات ذات الطبيعة الجمعية والتي تظهر من داخل المجتمع وموجهة نحو النظام السياسي وممثليه بما في ذلك الجماعات السياسية المتنافسة أو الذين يشغلون مراكزه وينفذون سياساته، وينظر المشاركون في العنف السياسي إليه باعتباره تعبيرًا عن مطالب سياسية.

 

أنماط العنف السياسي:

شهدت المجتمعات الإنسانية في مختلف مراحل تطورها كوكبة من أنماط العنف، بما يعني  اعتبار العنف أحد المكونات الرئيسة لتطور السياق التاريخي للبشرية، فالعنف هو أحد وسائل الصراع الإيديولوجي سواء بين الدول والجماعات السياسية التي تهاجم شرعيتها أو بين جماعات سياسية وبعضها ويمكن تقسيم هذه الأنماط إلى أربع :

1- العنف اللاعقلاني :

هو ذلك النمط الذي يفتقد لأية أهداف موضوعية يثور ضدها، ويتم عادة خدمةً لأغراض بعض المحرضين الذين يلعبون دورًا محوريًا في تأسيسه، ويُعتبر جمهور هذا النمط هم فئة معينة من البشر تنتشر بينهم أفكار معينة ضد الجماعات الأخرى أو ضد سلطة المجتمع ومن ثَمّ يتشكل لهم بناء اجتماعي وثقافي مضاد لبناء الجماعات الأخرى، وفي هذا النمط يكون المحرضون على وعي بأهداف العنف، بينما يفتقد المشتركون فيه هذا الوعي، فيصبحون ضحية لصياغة اجتماعية وثقافية زائفة. 

2- العنف المتمدي :

يفتقد هذا النمط لأية أهداف موضوعية، فهو نوع من تجسيد الفراغ، وقد تلعب وسائل الاتصال دورًا بارزًا في خلق ذلك النمط من العنف؛ بنقلها لأخبار العنف والاضطرابات التي تقوم بها الجماعات المماثلة في أماكن أخرى لنفس الظروف المحيطة والمسببة لبعض التوترات، وقد تلعب السلطة السياسية دورًا في تأسيسه نتيجة قيامها ببعض الإجراءات المثيرة للقلق والتوتر أو حينما تتحرك بوعي لتفريغ التوترات المختزنة حتى لا تترك لها فرصة، يتضح فيها شكل فعل ثوري قد يتمكن من الإطاحة بهذه السلطة السياسية، والهدف من هذا النمط قد يكون خلق درجة أعلى من التكيف عن طريق تصريف أكبر قدر ممكن من التوترات.

3- العنف الانفعالي أو العاطفي :

وهو نوع من الانفجار العاطفي الذي يعبر عن توترات ومشاعر متراكمة لها أسبابها، وهو عنف وإن كانت له أهداف موضوعية إلا أنها لم تحدد بعد، بحيث يمكن أن تصبح أساسًا لفعل عقلاني وعادة ما تكون الأسباب المواتية لهذا العنف أكثر إثارة من أسبابه الموضوعية، وعادة ما تكون أحداثه قصيرة الأمد تلعب فيها الدعاية والإشاعة دورًا محوريًا، وقد يتوقع العنف الانفعالي بعد الانفجار إلا أنه يقع في العادة مرة ثانية في المستقبل إذا ما ظلت العوامل المولدة للتوتر كما هي، وإذا استمرت أسبابه وتكرر حدوثه فسينذر بالتحول إلى النمط الرشيد. 

4- العنف العقلاني أو الرشيد

وهو أكثر الأنماط نضجًا وذلك لأنه يحتوي إطارًا واضحًا ويحتوي بداخله على الأهداف والوسائل المحددة، ويكون المشاركون في هذا النمط عادة على وعي كامل بهذه الأحداث كما أنهم عادة يعزفون عن الاشتراك في أحداث الشغب، ويثور هذا النمط من العنف لأسباب موضوعية واضحة كعدم الاتساق في البناء الاجتماعي، آثار البطالة والرشوة، ويهدف هذا النمط إلى فرض بعض المطالب التي تساهم في القضاء عليه 

 

أشكال العنف السياسي:

قد تتم ممارسة العنف من جانب النظام ضد المواطنيين أو ضد قطاع أو ضد فئة معينة منهم بهدف الاستمرار في السلطة وتقليص دور القوى المناوئة والمعارضة، وهو ما يشار إليه بالعنف الرسمي، والمشكلة في هذا النوع أنه يفتح الباب أمام موجات من المجابهات المفتوحة في المجتمع، ويقول ( ماكس فيبر _ Max Weber) وقد يُمارس العنف من جانب المواطنين ضد النظام السياسي أو بعض رموزه، وهو ما يعرف بالعنف الشعبي وغالبًا ما يهدف إلى ممارسة ضغوط على النظام السياسي لتحقيق مطالب خاصة بالفئات الممارسة للعنف، كالعدالة في توزيع الثروة أو المشاركة في صناعة واتخاذ القرارات التي تمس حياة المواطنين أو إجبار النظام على العدول عن قرارات وسياسات اتخذها أو يزمع اتخاذها وترى القوى التي تمارس العنف أنها تضر بمصالحها، وبعض الفئات الممارسة للعنف قد تهدف إلى الإطاحة بالنظام السياسي ويتجلى هذ النوع في المظاهرات وأحداث الشغب.

ومن الملاحظ في النظم السياسية الديموقراطية وجود ضوابط وقيود قانونية للعنف الرسمي، بالإضافة إلى وجود مؤسسات تُمكن مختلف القوى من إيصال مطالبها والتعبير عن رغباتها دونما الحاجة إلى العنف، أما في النظم السياسية التسلطية فغالبًا ما يتم تعطيل القوانين العادية بقوانين الطوارئ التي تطلق يد النظم الحاكمة في ممارسة العنف الرسمي، وفي ظل هذه الأنظمة تؤدي زيادة العنف الرسمي إلى نقص العنف غير الرسمي وربما القضاء عليه نهائيًا، وبالتالي تكون العلاقة بين العنف الرسمي وغير الرسمي إما علاقة طردية (إيجابية)؛ حيث زيادة أو نقص الأول تؤدي إلى زيادة أو نقص الثاني (يتوسط العلاقة متغيرات أخرى)، أو تكون علاقة سلبية فزيادة أو نقص الأول تؤدي إلى نقص أو زيادة الثاني.

وأيضًا ميز (جون سوملي - John Swemly) بين نوعين من العنف هما: العنف المكشوف ويتمثل في أحداث الشغب والإبادة والحرب والثورة ورد الفعل المضاد لها، والنوع الثاني هو العنف الخفي وينطوي تحت لواء النظم السياسية التي تحد من ممارسة المواطنين لحرياتهم.

ومن أهم أشكال العنف السياسي :

1- الاغتيالات ومحاولات الاغتيال :

وهي عمليات القتل أو محاولات القتل التي تستهدف شخصيات رسمية تشغل مناصب ذات تأثير على القرار السياسي أو ذات صلة بمراكز صناعة القرار وفي مقدمتهم رؤساء الدول ورؤساء مجالس الوزراء والوزراء وزعماء الأحزاب والقيادات الأمنية ورؤساء تحرير الصحف. 

2- الانقلابات أو محاولات الانقلاب :

ويقصد بالانقلاب عملية إطاحة فجائية وسريعة بالنخبة الحاكمة وغالبًا ما تتسم بالعنف، وقد تتم من داخل النخبة ذاتها أو تحل نخبة جديدة محل النخبة التي أُطيح بها وغالبًا ما تتم بمعاونة عناصر من المؤسسة العسكرية أو الشرطة أو أجهزة الأمن ولا يساندها عادة مساندة شعبية، وقد لا تقترن بتغيير في طبيعة النظام السياسي، وقد يترتب عليها تحولات جذرية فيما بعد ومن ثم يتحول الانقلاب إلى ثورة.

 بالتالي تعد الانقلابات نوعًا من العنف لأنها تغيير سياسي يتوسل أدوات القوة العسكرية للإطاحة بالسلطة الحاكمة سواء كانت النخبة المطاح بها نخبة منتخبة من الشعب أو وصلت إلى السلطة من طريق آخر، ففعل الانقلاب ينتمي إلى العنف السياسي حتى لو كان انقلابًا أبيض دون إراقة نقطة دم واحدة. 

3- التمرد :

وهو شكل من أشكال المواجهة المسلحة للنظام القائم من قبل بعض العناصر المدنية أو العسكرية أو الاثنين معًا لممارسة الضغط والتأثير على النظام للاستجابة لمصالح معينة لهذه القوى، وقد يكون التمرد طويل المدى مقدمةً لثورة قد تطيح بالنظام برمته، ووفقًا لحجم القوى التي تتمرد ينقسم التمرد إلى تمرد جماهيري وهو الذي يشارك فيه عدد كبير من المواطنين، وتمرد عسكري وهو الذي تقوم به عناصر من القوات المسلحة أو من قوات الأمن أو الاثنين معًا وهو الأكثر خطرًا لأن العناصر المتمردة في هذه الحالة تمتلك السلاح والخبرة القتالية، كما أنها تشكل الدعامة الأساسية لحماية النظام. 

4 - عمليات الاعتقال لأسباب سياسية :

تمثل هذه العمليات سلوكًا اعتياديًا في العديد من دول العالم الثالث، وإنْ تفاوت العنف من دولة إلى أخرى من حيث مدى تكرار هذه العمليات وأعداد المعتقلين، وعادة ما تأتي هذه الاعتقالات في إطار تصدي النظم الحاكمة للاحتجاج الجماعي والعنف السياسي، وفي حالات عديدة تتم عمليات الاعتقال لمجرد الاشتباه أو من باب اتخاذ إجراءات تعتبرها السلطات وقائية لحفظ الأمن والنظام وهو ما يعرف بالاعتقال التحفظي أو الوقائي، وكثيرًا من الأحيان تُمارس من قبل النظم الحاكمة خارج إطار القانون بقصد إحكام سيطرتها على مجتمعاتها وضرب عناصر وقوى المعارضة أو على الأقل تحجميها.

5- أعمال الشغب :

يقصد بها استخدام العنف من جانب تجمعات من المواطنين ضد النظام السياسي أو بعض رموزه وكذلك ضد الممتلكات الخاصة أو العامة،  ويصاحب أعمال الشغب إمكانية القتل والتخريب والتدمير، وقد تكون أعمال الشغب عامة أو محدودة؛ بمعنى أنها قد تنتشر في نطاق جغرافي واسع نسبيًا ويشترك فيها عدة فئات اجتماعية وتمارس خلالها أعمال التدمير والتخريب على نطاق واسع، وقد تكون محدودة وتنتشر في نطاق جغرافي ضيق نسبيا، وتشارك فيها غالبًا فئة اجتماعية واحدة ويكون حجم الخسائر المادية والبشرية الناجم عنها غيرَ محدود.

6- الأحكام المرتبطة بقضايا سياسية :

تترواح هذه الأحكام ما بين الحبس لمدة مختلفة أو الإعدام، وعادة ما تستهدف المحاكمات _لأسباب سياسية_ عناصر تنتمي إلى قوى أو تيارات أو تنظيمات معارضة وذلك بتهم مختلفة؛ أبرزها التأمل بقلب النظام، تشكيل تنظيمات سرية مخالفة للقانون، العمل لحساب أطراف أجنبية والمشاركة في المظاهرات أو التحريض عليها، وفي كثير من الحالات تجرى هذه المحاكمات بالاستناد إلى قوانين استثنائية ومن خلال محاكم خاصة بمسميات مختلفة وعادة تكون بعيدة تمامًا عن أي أسس أو اعتبارات قانونية تضمن عدالة المحاكمة أو نزاهتها.

7- استخدام قوات الأمن أو وحدات الجيش لمواجهة أعمال العنف السياسي :

عادة ما تعتمد النظم الحاكمة في البداية على قوات الشرطة والأمن للتعامل مع هذه الأحداث خاصة، وهناك وحدات مدربة على أعمال الشغب ولكن بالنسبة لأعمال العنف الحادة، التي تمثل تهديدًا جديًّا للحكم وتتعثر أجهزة الأمن في التعامل معها، فيتم استدعاء الجيش للسيطرة على الأحداث.

8- الحروب الأهلية :

 نوع من أنواع العنف السياسي، وهي كناية عن منازعات ينقسم فيها المجتمع إلى جماعات متجابهة بالسلاح وتدور صراعاتها على أهداف عدة: السلطة، الثروة، النفوذ، وذلك باستخدام القوة المجردة، وسواء كان لهذه الحروب الأهلية أسباب ودوافع داخلية أو خارجية وسواء مهد لها الاستبداد وفساد الدولة أو توافرت لها عوامل من الخارج، وسواء تغذت من داوفع سياسية صرفة أو من دوافع دينية أو طائفية أو مذهبية أو قبلية، فإنها تندرج من منظور علم الاجتماع السياسي في خانة أفعال العنف السياسي.

9- الحروب :

 الحرب امتداد للسياسة أو ممارسة لها بوسائل أخرى، والحرب تجسد أعلى أشكال العنف من حيث القوة النارية الكبيرة، والضحايا الكثر الذين يسقطون قتلى أو جرحى، والخسائر الكبري التي تلحق القرى والمدن والاقتصاد والمقدرات، وحتى حينما تنتهي الحرب بتسوية سياسية متفاوض عليها بين القوى المتحاربة لا ينتهي العنف مع التفاوض وإنما يتحول إلى عنف تفاوضي مستند إلى ضغوط ميزان القوى العسكري.

وهناك مؤشرات أخرى للعنف مثل حرب العصابات، إعلان حالة الطوارئ، الرقابة على الصحف، تقييد المشاركة السياسية، حظر التجول، تعبئة قوى الأمن، اختطاف الطائرات واحتجاز الرهائن

 

التمييز بين العنف السياسي وبعض المفاهيم الأخرى

هناك خلط بين مفهوم العنف السياسي وعدة مفاهيم أخرى من بينها الإرهاب السياسي، عدم الاستقرار السياسي، التطرف الديني.

1- العنف السياسي والإرهاب السياسي :

وفقًا لعدم الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب، ومن ثَمّ تعدد تعريفاته ووجهات النظر حوله، وجوهر هذا الخلاف يرتبط دائمًا بالرؤى المتباينة حول ما يُعد نشاطًا يستوجب الإدانة وما يُعد كفاحًا مشروعًا يستحق الدعم، أضحت كلمة الإرهاب محاطة بكم هائل من التشويش، وقد عرفه (توماس ثوزتون) أنه فعل رمزي يتم لإحداث تأثير سياسي بوسائل غير معتادة مستلزمًا استعمال العنف والتهديد به، ونكون إزاء مقومات أساسية إذ إن الإرهاب.

1- فعل من أفعال العنف أو التهديد به. 

2- ينطوي الإرهاب على سمات معينة (تتجاوز ما هو شائع في المجتمع). 

3- الفعل الإرهابي ذو طابع رمزي؛ بمعنى أن ذلك الفعل يُقصد إليه ويتم إدراكه باعتباره رمزًا، أي يكون ذا مغزى ودلالة أوسع منه في ذاته، أي يحمل الفعل الإرهابي رسالة ما إلى الضحايا المحتملين كافة، بحيث يوقع الرعب والخوف في قلوبهم. 

وبالتالي يكون الإرهاب الصورة الوحيدة من صور العنف السياسي التي يحرص الفاعلون من خلال قيامهم بالعمل العنيف على تجاوز نطاق وحدود الهدف المباشر لذلك العمل، ليصل تأثيره إلى أفراد وطوائف أخرى مستهدفة بالعمل الإرهابي، فالعمل الإرهابي عادة ما يركز على التأثير على عقل وقلب الجماهير وهذا الأمر ليس قائمًا بصورة مطلقة في العنف السياسي، كما أنه في الكثير من الأحيان يأخذ العمل الإرهابي بعدًا دوليًّا بينما صور العنف السياسي قليلًا ما تأخذ ذلك الطابع وعادة ما تأخذ طابعًا داخليًّا.

2- العنف السياسي وعدم الاستقرار السياسي :

 يتم الخلط بين العنف السياسي وعدم الاستقرار السياسي، إذ تُطرح مؤشرات العنف السياسي باعتبارها مؤشرات لعدم الاستقرار السياسي وبذلك أضحى المفهومان مترادفين، فظاهرة عدم الاستقرار ظاهرة تتميز بالمرونة والنسبية وتشير إلى عجز النظام السياسي بسبب ضعف مؤسساته عن إجراء ما يلزم من تغيرات لمجابهة توقعات الجماهير وتوجهاتها مما يؤدي إلى العنف المتبادل وتوسيع دائرة الصراع وتقويض شرعية النظام وفعاليته، لذلك يعد العنف السياسي مفهومًا مركزيًا لفهم حالة عدم الاستقرار فهو المظهر الرئيس لهذه الحالة، ويعد قرينة واضحة على انعدام الاستقرار السياسي، ومن ثم يعد العنف السياسي المظهر الرئيسي لعدم الاستقرار لكنه ليس مرادفًا له، لأن عدم الاستقرار السياسي مفهوم أوسع وأشمل من العنف السياسي. 

3- العنف السياسي والعنف الديني :

 يُعد الدين أحد موجهات الحركة الاجتماعية التي تسعى إلى تبديل المنظومة الفكرية في أي واقع اجتماعي، وذلك باعتبار الدين استجابة لظروف اجتماعية، اقتصادية وسياسية وثقافية معينة، وقد أجرى (مارك Mark j ) دراسة بعنوان المنطق في العنف العقائدي، تربط بين الأيديولوجية الدينية وبين شدة الشعور بالنضال، ويتخذ العنف السياسي الديني إحدى الصور التالية:

1- الصورة الأولى، ويطلق عليها العنف السياسي المذهبي وفيه تنتمي الجماعات المتصارعة إلى دين واحد أساسي ثم يختلفون من حيث انتسابهم لمذهب دون آخر؛ مثل الصراعات الموجودة بين الكاثوليك والبروستانت والشيعة والسنة.

2- الصورة الثانية، وتسمى بالعنف السياسي الديني الداخلي، ويكون فيها الصراع داخل المذهب الواحد وذلك بشأن السلطة فكل فئة ترى أنها ملتزمة بتعاليم الدين والأخرى لا.

3- الصورة الأخيرة هي العنف السياسي الديني الموجه من جماعة دينية إلى جماعة دينية أخرى ولكنها تنتمي لدين مختلف، ويدور هذا العنف أيضًا بشأن السلطة

 

التفسيرات المختلفة للعنف السياسي:

هناك عدة اتجاهات لتفسير العنف السياسي، أولها الاتجاه الماركسي ويركز على عنصر الاستغلال الذي تمارسه طبقة محدودة العدد والسيطرة اقتصاديًّا وسياسيًّا على الطبقات الأخرى إلا أن العلاقة بين الاستغلال والعنف ليست ميكانيكية بل تتوسطها بعض المتغيرات، مثل الوعي الطبقي والتنظيم السياسي والقيادة، ثانيًا الاتجاه الوظيفي وهو يفسر العنف بوجود حالة من العجز في أبنية النظم السياسية لا تستطيع معها القيام بوظائفها بفاعلية، ومن ثَم تفقد القدرة على التأقلم والتكيف مع التغيرات الجديدة التي قد يكون مصدرها داخليًّا وخارجيًّا، والتي تتضمن المزيد من الضغوط على النظام القائم ولذلك قد يلجأ النظام القائم إلى القوة والإكراه لمقاومة هذه الضغوط والتحكم فيها، بما يؤدي إلى تزايد إحساس المواطنين بتدهور شرعيته ومن ثم يزداد انخراطهم في أعمال العنف المضاد له.

الاتجاه الثالث هو الاتجاه السلوكي ويركز على مقاومة الإحباط المولد للعنف، وهناك عديد من العوامل تؤدي إلى العنف أهمها اتساع الفجوة بين ما يتوقعه المواطن وبين ما يحصل عليه فعلًا أو اتساع الهوة والتناقض بين شعارات النظام وممارسته، بجانب وجود أزمة حادة كهزيمة عسكرية أو أزمة اقتصادية، كلها عوامل تقود إلى الإحباط لكن أي اتجاه من هذه الاتجاهات لا يكفي بمفرده لتفسير العنف السياسي على اعتبار أن العنف ظاهرة مركبة متعددة المتغيرات، ومن ثَم لا يمكن تفسيرها بعامل واحد فقط بل العوامل السابقة كافة تتفاعل مع بعضها لتقود إلى العنف. 

وهناك أيضًا من يطلق على أسباب العنف "منابع العنف" بمعنى البيئة الاجتماعية التي أنبتت العنف، ويمكن أن ترد كل الأسباب إلى أن العنف السياسي هو تعبير ووسيلة تُمارس وأداة ضغط تهدف إلى رفض ممارسة السلطة، ولذلك يرى البعض أن العنف هو رد فعل للدفاع عن الذات ومحاولة لاستعادة الحقوق الضائعة وفي مقدمتها حق المشاركة في السلطة ومنع اغتصابها وتأسيس نظام الدولة على شرعية واضحة تحظى بالإجماع الشعبي.. وهناك مجموعة من الأسباب التي تفسر العنف منها :

أسباب سياسية :

وتتمثل هذه الأسباب في: الاستبداد السياسي، غياب المجتمع المدني، الفقر والفساد.

1- الاستبداد السياسي: يسمى بالسلطة الشمولية التي تنكر حق الآخر في المشاركة السياسية، فحرمان الرعية من حرية التعبير وإبداء الرأي والمشاركة في القضايا التي تهم المجتمع مع ضيق قنوات الحوار وأيضًا ممارسة أعمال القمع وتقييد الحريات العامة وعدم الاعتراف بحق الاختلاف مع باقي القوى الاجتماعية وغلق كل منافذ الحوار معها كل هذا يزيد من مشاعر السخط والإحساس بالظلم والاستبداد، ويعمل على خلق فئات رافضة يمكن أن تكون أحد أدوات العنف السياسي، ذلك أن الاستبداد في جوهره يعزل الناس قسرًا ويقصيهم عن المشاركة في الشأن العام، وهو البذرة التي تنبت منها التطرف، فضيق الحوار وعدم الاعتراف بالتعبير الشرعي يعد أحد أهم الأسباب المحركة للعنف، كذلك فإن غياب التقاليد الخاصة بالممارسة الديموقراطية والتي تدور حول إمكانية التعبير باستخدام الوسائل السياسية غير العنيفة، إضافة إلى ضعف المعارضة السياسية في حالة استخدام القمع لفترات طويلة وبالتالي عدم قدرتها على تقديم بدائل ممكنة لما هو قائم، ومن ثَم صار العنف هو البديل المتاح سواء من جانب الجماهير الساعية لإحداث التغيير أم من جانب القابضين على السلطة السياسية في المجتمع من أجل الحفاظ على الوضع القائم. 

2- غياب المجتمع المدني : يرى (علي الطراح) أن أحد أهم أسباب ظهور العنف هو غياب المجتمع المدني وعدم فعاليته، ويستدل على ذلك باقتران ظهور هذا المصطلح على الساحة الفكرية والعلمية بظهور بوادر فشل الدولة الوطنية في تحقيق مطالب شعوبها وعلى جميع الأصعدة، ويتمثل ذلك سياسيًّا في فقدان الشرعية وغياب الديموقراطية والمشاركة السياسية الفعالة والتعددية مما أدي في النهاية إلى توفير الأرضية الخصبة التي يترعرع فيها العنف السياسي

3- الفقر والفساد : إنَّ عدم وجود عدالة اجتماعية وإخفاق برامج التنمية الاقتصادية في تحقيق مطالب المواطنين مع زيادة التفاوت الطبقي وعجز الدولة عن تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين وفشلها في إدارة الأزمات المجتمعية، كل هذا يمثل مصدرًا للعنف السياسي.

أسباب اجتماعية : 

أوضح الباحث (سالم ساري Salem Sari) من جامعة فيلادفيا الأمريكية أن المجتمع لا يعيش عنفًا فرديًا خالصًا وإنما عنف مجتمعي مشترك، أي أن الإشكالية ليست ببساطة عنف أفراد منعزلين وإنما هي عنف بنيوي لنظم ومؤسسات ممتدة اجتماعيًّا، حيث يتم التركيز على الشكليات دون المضامين مما يتيه الجهود البحثية مثل التركيز على عنف الجماعات الاجتماعية لا عنف النظام الاجتماعي القائم نفسه، وبالتالي يجد الباحثون في العنف أنفسهم لا يتعاملون مع ظاهرة فردية محدودة وإنما مع إشكالية مجتمعية ثقافية بنيوية متشابكة متبادلة التأثير والتأثر، على اعتبار أن العنف مشكلة مجتمعية أخلاقية ترجع أساسًا إلى تراجع القيم الاجتماعية داخل المجتمع، وتتطلب مواجهتها مشاركة جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية ووسائل الإعلام نظرًا لشدة تأثيرها على الفرد.

 

تداعيات ونتائج العنف السياسي:

إن للعنف السياسي تداعيات خطيرة للغاية، تؤدي إلى نتائج سلبية على كل المجتمع من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية. 

الجانب السياسي :

من بين تداعيات العنف السياسي كما يراها (محمد نبيل الشيمي) هو أن العنف يقضي على كل جسور الثقة بين القوى السياسية  (حكومة معارضة أحزاب منظمات مجتمع مدني)، ويعدم كل فرص الالتقاء بين القوى المتصارعة حتى أنه لا يتيح الفرصة لوجود قواسم مشتركة بين الجانبين، وتوفر هذه الظاهرة روافد جديدة للصراع السياسي والعنف السياسي كما أنه من الممكن أن تلجأ بعض التيارات السياسية للاستقواء بقوى خارجية لمساندتها، ويؤدي ذلك إلى فقدان الشعب لثقته بالنظام الحاكم نتيجة لعدم قدرته على المحافظة على وحدة وتماسك المجتمع، ومن ثم يضعف الولاء للوطن ويُنتج مناخًا يتسم بالاحتقان بين كل قوى المجتمع، ومن النتائج السلبية التي يفرزها العنف السياسي أيضًا سقوط أعداد هائلة من الضحايا وخسائر جسيمة في الممتلكات، وصعود الحركات والأقليات المطالبة بالهوية، كما أن انتشار العنف السياسي أحيانًا يؤدي إلى انفصال بعض الجماعات عن الدولة الأم مكونة بذلك تكتلًا سياسيًّا جديدًا. 

ويلخص الباحث (مسعود بوسعدية) الآثار السياسية الناجمة عن العنف السياسي، كالآتي :

1- إضعاف الدولة في مختلف المجالات وحصر دورها في الضبط والمراقبة وضعف هيبتها وزعزعة ثقة المواطنين بها. 

2- عدم الاستقرار السياسي من حيث تعاقب عدة حكومات في فترة وجيزة وما له من انعكاسات سلبية.  

3- إشغال الدولة؛ حيث تتركز الاهتمامات بشأن سبل مكافحة العنف وإخماد نار الفتنة عوض الاهتمامات الأخرى. 

4- تعطيل العمل المؤسساتي وتعويضه بالمجالس الانتقالية المعيَّنة. 

الجانب الاقتصادي :

إن عدم الاستقرار السياسي في حد ذاته كفيل بإحداث أجواء ينعدم فيها الاستقرار الاقتصادي، وعندما تزداد وتيرة العنف تضعف قدرة الدولة على وضع برامج للتنمية أو حتى مجرد إحداث تغيير نوعي في البنى الاقتصادية، ونتيجة لذلك تهرب رؤوس الأموال إلى الخارج وتضعف حركة الاستثمارات المباشرة، فتقل رؤوس الأموال المستثمرة وتزيد معها الأزمات الهيكلية، وتوجه الحكومة جزءًا كبيرًا من الموازنة إلى الأجهزة الأمنية لمواجهة الأوضاع الأمنية على حساب التعليم والصحة والنقل وتتوقف عجلة التصنيع، وتقل القدرة على التصدير فيما تزيد الواردات، وتتعرض الدولة إلى عجز مزمن في ميزان المدفوعات، فتلجأ للاقتراض والاستدانة وهنا تتكرس التبعية للخارج.

الجانب الاجتماعي :

يؤدي العنف السياسي اجتماعيًّا إلى زعزعة الأمن والنظام العام نتيجة ما يتركه العنف من حالات الفوضى والتفكك في المجتمع، مثلما حدث في لبنان خلال الحرب الأهلية، ومن شأن العنف أيضًا خلق فتن طائفية وعرقية، حيث يقول (محمد نبيل الشامي) أن العنف السياسي يسبب نمو ثقافة العنف والتدمير عند بعض الفئات في المجتمع التي لا تجد سوى العنف كطريق للتغيير على حساب الحوار السلمي، وينتشر بالمجتمع في ظل العنف حالة من الخوف، حيث تُدخِّل أعمال العنف الرعب في نفوس الناس وتجعلهم يعيشون في قلق وخوف يضاف إلى ذلك ما قد يلحقهم من أذى لمجرد الاشتباه بهم، ومن التداعيات الأخرى التي تتفشى في المجتمع أنواع أخرى من العنف الجنائي، كالسرقة والقتل والنصب والاحتيال والقتل وجرائم الأخلاق؛ إذ يتم استغلال الاضطراب الأمني للقيام بذلك .

شرعية العنف السياسي:

يمكن تحديد شرعية العنف السياسي ومشروعيته استنادًا إلى طبيعة النظم السياسية، ففي دول التعددية السياسية يُعد العنف الذي يمارسه المواطنون أو فئات معينة منهم، استخدامًا غير مشروع للقوة لأنه يُمثل خرقًا للقانون، وتخطيَّا للمؤسسات الوسيطة التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بينما العنف المشروع هو الذي تمارسه الدولة ويجب أن يكون في إطار القانون، أما في النظم التسلطية والقهرية فإن ممارسة العنف من قبل مواطنين يُعد عملًا مشروعًا طالما استند إلى نص قانوني يبرره ويحدده، ويكون هذا العنف الرسمي شرعي عندما تقره الجماعة أو غالبية أفرادها حيث يعتبرونه ضروريًا لحماية النظام الاجتماعي.

 

المصادر والمراجع:

عبد الإله بلقزيز، في أنواع العنف السياسي ومراتبه ، صحيفة الخليج، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 2015.

أ.د بوحنية قوى- أ. عبد المجيد رمضان، التكلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للعنف السياسي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة قاصد مرباح، ورقلة.

قبي آدم، رؤية نظرية حول العنف السياسي، مجلة الباحث، العدد 1، 2002 ،جامعة ورقلة.

آلاء رجا عبد الرحمن شنطي، أطروحة مقدمة لنيل درجة الماجيستير بعنوان: دور وسائل الإعلام في زيادة العنف السياسي في عمليات التغيير السياسي، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، 2017.

حسين عبد الحميد رشوان، العنف السياسي وسيلة لإحداث التغيير، منشور عبر: الموسوعة الإسلامية، 2013.

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia